"صفحات سوداء في غياب العدالة"- تقرير حقوقي يتحدث عن جرائم ارتكبتها حماس وفتح خلال اقتتالهما
التاريخ : 09 / 10 / 2007 الساعة : 20:36
[color:bf93=#000000:bf93]غزة- معا- قال المركز الفلسطيني لحقوق الانسان في تقرير جديد ان 161 فلسطينيا من بينهم 41 مدنيا قتلوا خلال القتال الذي دار في الفترة من السابع الى الرابع عشر من يونيو حزيران بين حركتي فتح وحماس والذي انتهى بسيطرة حماس على قطاع غزة .
كما أصيب في الأحداث أكثر من 700 مواطن بجراح، أصيب العشرات منهم بإعاقات دائمة.
وقال التقرير "اقترف طرفا النزاع انتهاكات جسيمة لاحكام القانون الدولي المتعلقة بالنزاعات المسلحة الداخلية... رافق الاحداث الدامية العديد من أعمال القتل العمد والاعدام خارج اطار القانون واطلاق النار على مقاتلين بعد أسرهم
وأصدر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان تقريراً خاصاً بعنوان "صفحات سوداء في غياب العدالة: تقرير حول الأحداث الدامية التي شهدها قطاع غزة خلال الفترة بين 7 – 14 يونيو 2007".
ويتضمن التقرير نتائج التحقيقات التي أجراها المركز حول أعمال الاقتتال الدامية التي شهدها قطاع غزة في يونيو الماضي بين حركتي حماس وفتح وأذرعهما العسكرية والأجهزة الأمنية، والتي انتهت باستيلاء كتائب عز الدين القسام – الذراع العسكري لحركة حماس على كافة المقرات والمواقع الأمنية وبسط حركة حماس سيطرتها الكاملة على القطاع.
ووفقاً لتوثيق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان وتحقيقاته، اقترف طرفا النزاع انتهاكات جسيمة لأحكام القانون الدولي المتعلقة بالنزاعات المسلحة الداخلية، خاصة المادة الثالثة المشتركة في اتفاقيات جنيف الأربعة لسنة 1949.
وخلافاً لهذه الأحكام الدولية، رافق الأحداث الدامية العديد من أعمال القتل العمد والإعدام خارج إطار القانون وإطلاق النار على مقاتلين بعد أسرهم.
وتحدث شهود عيان عن قتل مصابين داخل المستشفيات، وأعمال خطف وتعذيب وتنكيل بأشخاص ينتمون أو يشتبه بانتمائهم لأحد طرفي النزاع. ووقع المدنيون العزل ضحية للأعمال القتالية بين الطرفين، على الرغم من التزامهم منازلهم في معظم الأحيان. ولم تراع حرمة الأماكن المدنية، بما فيها المنازل والأبراج السكنية التي تم استخدامها من طرفي النزاع في العمليات القتالية، مما زاد من معاناة المدنيين ووضعهم في قلب العمليات القتالية عنوة، وتسبب في سقوط قتلى وجرحى في صفوفهم، بينهم نساء وأطفال. كما أعيق عمل فرق الإسعاف والدفاع المدني التي تعذر وصولها إلى المصابين والأماكن التي اندلعت فيها المواجهات، لإخلاء القتلى والمصابين أو لإخماد الحرائق وتقديم العون للمدنيين العزل.[1]
ووفقاً للتقرير، شكلت الأحداث الأخيرة امتداداً لأعمال عنف واقتتال دامية بين أنصار حركتي حماس وفتح، شاركت فيها الأذرع العسكرية التابعة للحركتين وكذلك الأجهزة الأمنية المنقسمة على نفسها، على مدى نحو 15 شهراً، من أبريل 2006 وحتى يونيو 2007.
وقد جاءت أعمال العنف والاقتتال هذه في سياق التنازع على الصلاحيات الأمنية والصراع السياسي على السلطة بين الطرفين وما خلفه من شرخ حاد بين مؤسستي الرئاسة ورئاسة الوزراء في السلطة الفلسطينية والتنازع على الصلاحيات الأمنية وغيرها، بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في يناير 2006 وفازت فيها حركة حماس بأغلبية برلمانية عالية. ومع أن الانتخابات التشريعية مثلت نقطة تحول هامة على طريق التحول الديمقراطي، لما اتسمت به من شفافية ونزاهة قل نظيرهما على المستوى الإقليمي، إلا أن التطورات اللاحقة قد شكلت انتكاسة لهذه العملية حيث تمت محاربة هذه التجربة الديمقراطية ومحاصرتها لوأدها في مهدها.
وبعد تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة من قبل حركة حماس (حزب الأغلبية البرلمانية) في مارس 2006، فرضت عليها مقاطعة مالية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا واليابان وغيرهم. وفيما صعدت قوات الاحتلال من جرائمها ضد المدنيين الفلسطينيين، توقفت الحكومة الإسرائيلية عن تحويل عائدات الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية. كما سُدّت أمام الحكومة الجديدة كافة الطرق لتحويل منح دولية عربية وإسلامية عبر البنوك بسبب المقاطعة الدولية. وساهم ذلك كله في تدهور الأوضاع الاقتصادية بشكل غير مسبوق، وتوقفت الحكومة عن دفع الرواتب بانتظام للموظفين المدنيين والعسكريين، فيما تراجعت الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين بشكل ملموس.
وقد رافق ذلك تدهور غير مسبوق في الأوضاع الأمنية الداخلية في ظل تصاعد الاعتداءات على سيادة القانون وتفشي حالة الانفلات الأمني المستشرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عدة أعوام.
وبينما انعكس الصراع السياسي على السلطة بين حركتي فتح وحماس سلباً على مجمل الأوضاع الداخلية الفلسطينية، بما في ذلك الشرخ العميق الذي أحدثه في السلطة التنفيذية بين الرئاسة ورئاسة الوزراء، فقد وجد هذا الصراع أسوأ تعبيراته في أعمال اقتتال دامية بين أنصار الحركتين تورطت فيها الأذرع العسكرية التابعة لهما، وكذلك الأجهزة الأمنية المنقسمة على نفسها بين موالية للرئاسة (بعض الأجهزة الأمنية المشكلة قبل حكومة حماس) وأخرى موالية للحكومة (القوة التنفيذية المساندة، والتي شكلت بعد حكومة حماس). وكثيراً ما كان المسلحون المتورطون في الأحداث ينتمون إلى الأذرع العسكرية التابعة للحركتين والأجهزة الأمنية معاً.
وشهدت الشهور الخمسة عشر الأخيرة جولات عدة من الاشتباكات المسلحة والاعتداءات المتبادلة في قطاع غزة بين ميلشيات مسلحة تابعة لحركتي فتح وحماس والأجهزة الأمنية المنقسمة على نفسها بين الجانبين. ورافق ذلك انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني اقترفها المسلحون وأفراد الأمن من كلا الطرفين، بما في ذلك أعمال القتل العمد والاختطاف والتنكيل. وأظهرت تحقيقات المركز في عشرات الحوادث عدم اكتراث واستهتار بحياة المدنيين من قبل الطرفين المتنازعين، بما في ذلك استخدام المنشآت المدنية، خاصة المباني السكنية، في العمليات القتالية.
وكانت تنتهي كل جولة من جولات العنف هذه بتوصل الطرفين في غضون أيام إلى اتفاق تهدئة بجهود مكثفة وحثيثة يبذلها الوفد الأمني المصري في القطاع وبوساطة القوى السياسية الفلسطينية، دون أن يتم أي تحقيق في هذه الأحداث، على الرغم من الجرائم المقترفة خلالها.
وقد ظل العشرات بل المئات من المشتبه في تورطهم في جرائم القتل وغيرها من الجرائم طلقاء، لكن هذه المرة بتغطية سياسية وتوفير الحماية لهم. وفي المقابل، لم يتم إنصاف مئات الضحايا وذويهم، أو تقديم المجرمين للعدالة، الأمر الذي ساهم بشكل فعال في زيادة حالة الاحتقان في الشارع الفلسطيني، مما كان يهيئ الأمور إلى مرحلة جديدة من الصراع. وكان اتفاق التهدئة يدوم لفترة تتراوح بين عدة أيام أو أسابيع، فيما تظل أجواء التوتر وعدم الثقة تخيم على العلاقات بين الجانبين المتناحرين، إلى أن تتجدد الاشتباكات في جولة جديدة أكثر عنفاً وشراسة، وهو ما ميز الأحداث الدامية الأخيرة، التي انتهت باستيلاء الذراع العسكري لحركة حماس على مقرات ومواقع الأجهزة الأمنية وبسط حركة حماس سيطرتها على قطاع غزة.
وسلط التقرير الضوء على الأحداث الأخيرة المذكورة التي شهدها قطاع غزة خلال الفترة من 7 – 14 يونيو 2007، وما رافقها من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني الخاص بالنزاعات الداخلية المسلحة. ولا يغطي التقرير الجرائم والانتهاكات الجسيمة بصورة حصرية، بل ما تمكن المركز من توثيقه ومتابعته من خلال التحقيقات الميدانية التي أجراها، وزار خلالها باحثو ومحامو المركز مناطق الأحداث والتقوا عشرات الضحايا وشهود العيان، وجمعوا منهم إفادات حول ما تعرضوا له أو ما شاهدوه من انتهاكات، علاوة على معاينة الأضرار الناتجة عن تلك الأحداث.
ولا يتطرق التقرير إلى ما تلا هذه الأحداث من تطورات، بما في ذلك الأعمال الثأرية التي اقترفتها مجموعات مسلحة تابعة لحركة فتح والأجهزة الأمنية في الضفة الغربية بحق أفراد حركة حماس، أو الخطوات التي اتخذها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ويتضمن التقرير أربعة أجزاء، إضافة إلى المقدمة. يستعرض الجزء الأول التطورات التي شهدتها السلطة الوطنية الفلسطينية في أعقاب الانتخابات التشريعية التي جرت في 25 يناير 2007، بما في ذلك رصد أعمال العنف التي اندلعت بين أنصار حركتي فتح وحماس منذ بداياتها، مروراً بجولات الاقتتال الدامية التي شهدها قطاع غزة منذ أبريل 2006 وحتى يونيو 2007.
ويتضمن الجزء الثاني إعادة رسم للأحداث الأخيرة التي جرت خلال الفترة بين 7 – 14 يونيو، من حيث كيف بدأت وكيف تطورت، مروراً بقرار الحسم العسكري لحركة حماس والذي انتهى بسيطرتها الكاملة على قطاع غزة.
أما الجزء الثالث فيسلط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني التي اقترفت أو يشتبه باقترافها من قبل الأطراف المتناحرة، ويشمل ذلك: جرائم إعدام خارج إطار القضاء وجرائم القتل العمد؛ جرائم اختطاف وتنكيل؛ استخدام المنازل والأبراج السكنية في الهجمات القتالية، واستهدافها من قبل الأطراف المتنازعة؛ الاعتداءات على المستشفيات والطواقم الطبية وفرق الدفاع المدني؛ تعريض حياة المدنيين للخطر في الشوارع والمنازل؛ الاعتداءات على المسيرات السلمية؛ وأعمال التدمير والنهب والسلب والاستيلاء على المؤسسات العامة والخاصة والأهلية.
ويتضمن الجزء الأخير من هذا التقرير الخلاصات والاستنتاجات التي توصل لها المركز من تحقيقاته وتوثيقه، والتوصيات التي يوجهها للأطراف ذات العلاقة. وأخيراً يتضمن التقرير ملحقاً خاصاً بأسماء جميع الضحايا الذين سقطوا في هذه الأحداث المؤسفة.
وخلص التقرير الى ان الأحداث الأخيرة في قطاع غزة شكلت الذروة في مسلسل أعمال الاقتتال الداخلي بين حركتي فتح وحماس، انتهاءً بقرار الحسم العسكري لكتائب عز الدين القسام، الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية-حماس، الاستيلاء على مقرات ومواقع الأجهزة الأمنية، وسيطرة حركة حماس على قطاع غزة بشكل كامل.
وأشار التقرير إلى الانتهاكات الجسيمة لأحكام القانون الدولي المتعلقة بالنزاعات المسلحة الداخلية، بما في ذلك، انتهاكات الحق في الحياة والاعتداء على السلامة الشخصية، التي اقترفها الجانبان خلال فترة الأحداث الأخيرة، بما فيها اقتراف أو الاشتباه باقتراف جرائم قتل خارج إطار القانون وجرائم قتل متعمد؛ الاستهتار وعدم الاكتراث بحياة المدنيين وتعريض أمنهم وأرواحهم للخطر من خلال أعمال الاقتتال الدامية وسط الأحياء السكنية؛ جرائم الاختطاف والتنكيل والتعذيب التي تعرض لها أنصار الطرفين وغيرهم؛ الاعتداءات على المنشآت المدنية، بما في ذلك المنازل والأبراج السكنية، واستخدامها كمواقع وثكنات عسكرية في شن هجمات على أهداف مدنية أخرى؛ إطلاق النار على المسيرات السلمية؛ الاعتداء على المستشفيات وإعاقة عمل الطواقم الطبية وفرق الدفاع المدني؛ وأعمال التدمير والنهب والسلب والاستيلاء على المؤسسات العامة والخاصة والأهلية.
وراي التقرير ان هذه الجرائم كانت امتداداً لجرائم مماثلة اقترفها الجانبان على مدى جولات الصراع الدامية الممتدة لخمسة عشر شهراً، اقترفا خلالها انتهاكات جسيمة لأحكام القانون الدولي المتعلقة بالنزاعات المسلحة الداخلية، أبرزها أعمال القتل العمد والإعدام خارج إطار القانون وإطلاق النار على مقاتلين ومدنيين بعد أسرهم.
إن أعمال الاقتتال الداخلي التي تصاعدت خلال الخمسة عشر شهراً الأخيرة كانت جزءاً لا يتجزأ من حالة الانفلات الأمني والاعتداء على سيادة القانون التي استشرت في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال أعوام الانتفاضة وحصدت أرواح المئات، في ظل العجز والإخفاق المزمنين من قبل النيابة العامة والأجهزة المكلفة بإنفاذ القانون عن ملاحقة هذه الاعتداءات وتقديم المتورطين فيها للعدالة.
وقال التقرير ان السلطة الوطنية لم يسبق أن شكلت أية لجنة تحقيق في أيٍ من أعمال الاقتتال السابقة لتقديم المتورطين والضالعين بارتكاب جرائم فيها إلى العدالة. ولطالما طالب المركز بتشكيل لجان تحقيق في الجميع الجرائم وتقديم المتورطين فيها للعدالة، ورفع الغطاء السياسي والتنظيمي عنهم، لكن هذه المطالب مرت مثلما مرت مطالب سابقة، دون أن تعيرها السلطة الوطنية اهتمام.
بدلاً من ذلك، كان يتم الاكتفاء باتفاق هدنة بين حركتي فتح وحماس، مقابل الإفراج المتبادل عن كوادر الحركتين المختطفين، في أحسن الأحوال، فيما يبقى القتلة والمجرمون طلقاء دون مساءلة ودون إجراءات قانونية تتخذ بحقهم، ويتم بالتالي توفير غطاء سياسي وحصانة لهم من العقاب من قبل قياداتهما السياسية.
واعتبر التقرير ان غياب المساءلة والملاحقة القانونية لهؤلاء المجرمين،شكل عاملاً أساسياً في اندلاع المواجهات مجدداً على خلفيات مختلفة، تأخذ غالباً الطابع العائلي من خلال ممارسة أعمال ثأرية وانتقامية، جذورها أعمال اقتتال بين الطرفين.
[/center]
[/center]