الرواية الاكاديمية:
ويتناول الباحث أنور عبد الهادي في كتابه "ديمغرافية اللجوء الفلسطيني وحق العود " الجذور التاريخية لمشكلة اللجوء منذ تحالف السلطة البريطانية المنتدبة مع الحركة الصهيونية العالمية التي كانت ترمي إلى إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين العربية، وتعهدها بموجب وعد بلفور في (2/ تشرين الثاني/ 1917) بإنشائه، وتميزها اليهود على العرب في التسلح والمساندة، وتسهيل سبل الإقامة وشراء الأراضي وفتح أبواب دخولهم إلى فلسطين، ونتيجة لذلك استولت الأقلية اليهودية عام 1948 وبقوة السلاح على حوالي 77.40% من مساحة فلسطين، بينما لم تكن تملك في ذلك الوقت سوى 5.76% من مجموع أراضي فلسطين، وأجلت حوالي (736 ) ألفاً من الفلسطينيين خارج وطنهم ليحل محلهم المستوطنون اليهود مستخدماً شتى أساليب الضغط والإرهاب وباعتقاد العرب حينها أن هجرة الفلسطينيين مؤقتة وأنهم سيعودون، إلى أن اتخذت القيادة الإسرائيلية قراراً استراتيجياً نص على رفض عودنهم، وشكلت منظمة يهودية معارضة لذلك. ومع تزايد الاهتمام الدولي بقضية اللاجئين بعد توقيع اتفاقية الهدنة عام 1949، صرح المسؤولون الإسرائيليون بأنه لا يمكن السماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلا في إطار اتفاقية سلام مع الدول العربية. وجاء عدوان 1967 ليطرح لاجئي الضفة العربية والقطاع نفسه على إسرائيل، فأثيرت المشكلة للمرة الأولى في الكنيست خلال شهر آب 1968 وكل ما حققته كان مجرد استعراض إعلامي أمام الرأي العالمي وحسب. ديمغرافية اللجوء الفلسطيني: أظهر الباحث البعد السياسي لحجم اللاجئين الفلسطينيين ومحاولة إسرائيل تقزيم أعدادهم عبر الإحصائيات التي تقدمها لتخفيف مسؤوليتها التاريخية أمام الرأي العام العالمي، وإثبات مقولتها المدعاة ( فلسطين أرض بلا شعب). فأكد أن الشعب الفلسطيني خرج عنوة من دياره، وبشتى أنواع الإرهاب والضغط وما مذبحة دير ياسين إلا واحدة من الكثير من المذابح والمجازر التي ارتكبت لإثارة الرعب بين العرب، إضافة للحروب النفسية كتحذيرات الإذاعات اليهودية السرية للعرب من أن أمراض التيفوس والكوليرا ستتفشى بينهم بقوة إذا بقوا في البلاد واستعمال مكبرات الصوت لدعوة الأهالي إلى مغادرة مدنهم وقراهم في فترات محددة وإلا تعرضوا للقتل، وكل هذه الإجراءات أدت إلى طرد 50% من الفلسطينيين .
الرواية الفلسطينية :
يعتقد الكثيرون أن عملية تهجير الفلسطينيين من وطنهم قد بدأت مع اندلاع النشاطات العسكرية الصهيونية عام 1948 , إلا أن البحث والتنقيب في صفحات التاريخ الذي ضرب عليها الإعلام والفكر الصهيوني تعتيما لم يعرف التاريخ الحديث مثله، يؤكد بان التهجير كان قد بدأ فكريا على الأقل مع إصدار هرتسل لكتابه "توراة الصهيونية دولة إسرائيل" . فمبدأ إقامة دولة يهودية في وطننا فلسطين كان معناه تهجير شعبنا بكاملة أو على الأقل غالبيته كما فعلت المنظمات العسكرية الصهيونية وإسرائيل من بعدها كدولة.
إن أول عملية تهجير فعليه كانت عام 1905 , عندما تآمر المستوطنون الصهاينة مع بعض الإقطاعيين من لبنان لشراء أراض من قرية المطلة في الجليل الأعلى وتهجير الفلاحين الذين جبلوا ترابها بعرقهم ودمائهم , وكان احد المستوطنين الصهاينة قد كتب في حينه عن شدة تعلق الفلاحين بأراضيهم : " لقد بكت حتى دوابهم " عندما اجبروا على الرحيل .
كما وتشير الوثائق التاريخية أيضا، أن حوالي 70 ألف فلاح فلسطيني قد تم طردهم وهدمت قراهم قبل اندلاع الحرب – الكارثة عام 1948 وحتى قبل إقرار الجريمة نهائيا من قبل هيئة الأمم المتحدة بإقرار مبدأ تقسيم فلسطين مناصفة مع المستوطنين الصهاينة.
ومنذ الإعلان عن قرار التقسيم رقم 181 بتاريخ 29111947، كان يسكن في المناطق التابعة للدولة اليهودية حسب قرار التقسيم ما يزيد عن 243 ألف عربي في 219 قرية وأربع مدن هي حيفا، طبريا، صفد وبيسان . وقد هجر من هذه المناطق، في الفترة الواقعة بين قرار التقسيم وحتى شهر حزيران 1948 ما يزيد عن 239 ألف عربي وأخلت ودمرت 180 قرية عربية تماما , كما هجر سكان ثلاث مدن كبرى كليا هي صفد , طبريا وبيسان , بينما بقي في حيفا 1950 فلسطيني وبالمقابل قامت المنظمات العسكرية الصهيونية بتهجير ما يقارب 122 ألف عربي من المناطق التابعة للدولة الفلسطينية وأخليت ودمرت 70 قرية تماما وهجر سكان يافا وعكا بشكل كلي تقريبا كما وتم تهجير جزء كبير جدا من سكان مدينتي اللد والرملة .
الرواية الاسرائيلية :
يسود الاعتقاد في المفهوم المستعمل في الإطار الصهيوني لفهم أو دراسة فكرة ترحيل الفلسطينيين على إنها نوع من التبادل السكاني أو عودة العرب إلى الجزيرة العربية، أو الهجرة، أو إعادة توطين الفلسطينيين وتأهيلهم في البلاد العربية. لذا ترسخ في الفكر الصهيوني فكرة الترنسفير، حيث كان السائد في التصور الصهيوني أن أراضي فلسطين هي حق يهودي منذ البداية وتعود بصورة حصرية للشعب اليهودي ككل، ومن ثم فأن العرب الفلسطينيين هم "غرباء" إما أن يقبلوا السيادة اليهودية على البلاد وإما أن يرحلوا، وقد احتل هذا المفهوم موقعاً مركزياً في الفكر الاستراتيجي للحركة الصهيونية، وفي الييشوف (المجتمع اليهودي في فلسطين حتى سنة 1947) كحل للأرض الصهيونية والمشكلات الديمغرافية العربية والسياسية.
"العرب هربوا من البلاد ، وكانت البلاد فارغة من أصحابها الأصليين، لم يكن من الممكن لصهيوني فترة ما قبل قيام الدولة أن يتصوروا حدوث شيء كهذا".
هذا التعليق على نزوح " لجوء" ما يزيد على مليون فلسطيني أثناء حرب 1948 م قدمه سنة 1952 "دافيد بن غوريون"، رئيس الوزراء ووزير الدفاع الإسرائيلي أثناء تلك الحرب. هذا التفسير لما حدث سنة 1948م كان منذ البداية، ولا يزال هو التفسير الذي تتبناه السلطات الإسرائيلية والحركة الصهيونية في الدعاية الرسمية وفي المحافل الدولية .
يدعي الصهاينة على الدوام أن ما حدث سنة 1948 م يتمثل في طلب الزعماء العرب من الفلسطينيين مغادرة قراهم ومدنهم مؤقتاً، ريثما تقوم الجيوش العربية بالقضاء على الدولة اليهودية الوليدة. فاستجاب عدد كبير من الفلسطينيين لهذا الطلب، وخرجوا بمحض إراداتهم ، ظانين أنهم سيعودون إلى بيوتهم بعد فترة وجيزة *** ولكن الجيوش العربية فشلت في مهمتها، فطالت فترة الانتظار حتى أصبح الفلسطينيون لاجئين
وإننا لعائدون إن شاء الله رافعين رايات النصر
لاجئة فلسطينية